يوتيوب Shorts في عصر تيك توك: ما رأي صناع المحتوى بهذه الخدمة؟

سوشيال ميديا علوم وتكنلوجيا

روجت يوتيوب لفكرة صانع محتوى “متعدد المواهب” ينشر مقاطع فيديو قصيرة، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو الأطول التي يشتهر بها يوتيوب – المصدر: Ascannio / Shutterstock.com

تروج شركة يوتيوب لفكرة صانع محتوى “متعدد المواهب” ينشر مقاطع فيديو قصيرة على غرار تيك توك، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو الأطول التي تشتهر بها يوتيوب. في غضون ذلك، يتطلع صانعو المحتوى إلى تحقيق الدخل من مقاطع الفيديو القصيرة “Shorts” مطلع العام المقبل

أعلنت يوتيوب في سبتمبر/ أيلول من العام الحالي أنها ستسمح لصانعي مقاطع الفيديو الصغيرة “Shorts” بكسب المال، وأثار ذلك اهتمام المستخدمين. 

تعهد جايكي تشو، أحد صانعي المحتوى وصاحب قناة طعام Righteous Eats التي تسلط الضوء على مطاعم مدينة نيويورك، في مقطع فيديو على تيك توك بأنه سينشر المحتوى على خدمة يوتيوب “Shorts” أولًا قبل نشره على المنصات الأخرى.

قال تشو في الفيديو “أحب تيك توك كثيرًا، لكن تحقيق المال عليها صعب جدًا. أما صناع المحتوى على يوتيوب فيحققون الكثير من الأموال. لذلك، يكرس بعض الأشخاص وقتهم لنشر المحتوى على هذه المنصة”.

يخطط تشو لتنمية قناة Righteous Eats على يوتيوب قبل أن تبدأ الشركة بإعطاء منشئي الفيديوهات القصيرة 45% من الأرباح في أوائل العام المقبل. 

في ذلك الوقت، كان للقناة، التي تضم حاليًا 137 ألف متابع على تيك توك، 283 مشتركًا فقط على يوتيوب. وساعد نشر المحتوى حصريًا على شكل “Shorts” قبل النشر بـ 24 ساعة على تيك توك وإنستغرام “Reels” القناة على زيادة عدد المشتركين بها على يوتيوب بشكل متواضع، إذ جمعت الآن أقل من ألفي مشترك بقليل.

لكن التجربة لم تدم طويلًا. قال رئيس الأعمال في شركة Righteous Eats، بريان لي، إن القناة نشرت محتواها على شكل “Shorts” أولًا لمدة أسبوع أو أسبوعين فقط، لأنها وجدت أن المنصة “يصعب استخدامها”.

وأضاف لي، الذي أشار إلى صعوبة جدولة أوقات النشر وخصائص الموسيقى، “كان العائق الرئيسي أمام استمرارنا في القيام بذلك هو كون الأداة سيئة، كما أننا لا نحقق عائدًا على الاستثمار بعد”، على الرغم من “تفاؤله” بشأن استخدام خدمة “Shorts”. 

تتوافق تجربة Righteous Eats مع وجهة نظر العديد من صانعي المحتوى الذين يستخدمون خدمة “Shorts”. في عصر التيك توك، ومع كل مشكلات تلك المنصة، من الخوارزمية إلى علاقاتها المزعومة بالحزب الشيوعي الصيني والتهديدات المستمرة بالحظر من قِبل الولايات المتحدة، تعد يوتيوب خيارًا آخر لصانعي المحتوى، رغم صعوبة استخدامها.

يشتكي صانعو المحتوى من أن النجاح والانتشار على تيك توك غير متسقين وأنه من الصعب كسب المال على المنصة، إذ تأتي الكثير من فرص الإيرادات من الشراكات مع العلامات التجارية.

في غضون ذلك، سمح برنامج شركاء يوتيوب (Partner Program) لصانعي المحتوى بكسب حصة من أرباح الإعلانات منذ أكثر من 15 عامًا. ومن المقرر أن تدمج الشركة خدمة “Shorts” إلى برنامج الشركاء في أوائل عام 2023، على الرغم من أن الشركة لم تعلن عن تاريخ محدد بعد.

لا تزال خدمة يوتيوب “Shorts” في مرحلة انتقالية. تدور المحادثات بين صانعي المحتوى عن الدخل المتوقع تحقيقه من مقاطع الفيديو القصيرة، الذي من المتوقع أن يكون ضخمًا. 

وعندما يتعلق الأمر بمقاطع الفيديو القصيرة، فإن القطاع يتسم بالتفاؤل حيال إمكانيات يوتيوب، المنصة الأقدم بين إنستغرام وتيك توك.

هل تبقى يوتيوب منصة الفيديو الأكبر في العالم؟

قد تجد يوتيوب نفسها يومًا ما في خطر فقدان تاجها كأكبر موقع فيديو في العالم. يقضي الأطفال والمراهقون الآن وقتًا أطول في مشاهدة مقاطع الفيديو على تيك توك أكثر من يوتيوب، وفقًا لبيانات شركة التكنولوجيا Qustodio، التي استخدمت بيانات برنامج المراقبة الأبوية الخاص بنحو 400 ألف أسرة.

وفي العام الماضي، أمضى الشباب على مستوى العالم 56 دقيقة يوميًا على يوتيوب، مقابل 91 دقيقة على تيك توك.

لمواجهة تلك المنافسة، روجت يوتيوب لفكرة صانع محتوى “متعدد المواهب” ينشر مقاطع فيديو قصيرة، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو الأطول التي يشتهر بها يوتيوب.

ووجدت الشركة أن خدمة “Shorts” جذبت العديد من صانعي المحتوى، إذ يستخدمونها لدعم المشاهدات (والأرباح) على مقاطع الفيديو الأطول. لكن يوتيوب رفضت طلب تقديم بيانات أو أرقام لدعم هذا الادعاء. 

يقود مدير العمليات، كيفن فيرغسون، الجهود لجذب صانعي المحتوى إلى يوتيوب. وعمل فيرغسون سابقًا كرئيس فرع أميركا الجنوبية في Musical.ly، التطبيق الذي تحول في النهاية إلى تيك توك، إذ قاد عمليات إعادة تسمية الشركة بعد أن استحوذت عليها شركة التكنولوجيا الصينية بايت دانس.

ماذا تعلمت يوتيوب من تيك توك؟

قال فيرغسون لفوربس في مقابلة عندما سُئل عما يمكن أن تتعلمه المنصتان من بعضهما: ” شركة تيك توك التابعة لبايت دانس هي شركة خادعة تتحرك بسرعة ولا تخشى المخاطرة. ما يمكننا تعلمه من تيك توك، وما نتعلمه، هو سرعة التنفيذ”.

تابع فيرغسون قائلًا، “ما أعتقد أنه يمكن لتيك توك تعلمه من Shorts ويوتيوب هو إعطاء الأولوية لصانعي المحتوى”، مشيرًا إلى حصة الأرباح التي سيحققها صناع الفيديو قريبًا. 

أطلقت شركة يوتيوب خدمة Shorts في سبتمبر/ أيلول 2020 في الهند كاختبار تجريبي. ونجح المنتج على الفور ليملأ فراغ تيك توك المحظور في البلاد. وبعد 6 أشهر، أطلقت يوتيوب المنتج في الولايات المتحدة.

يجمع منتج Shorts الآن 1.5 مليار مشاهد شهريًا و30 مليارًا يوميًا، بينما لا تجمع تيك توك إلّا مليار مشاهد شهريًا. (في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، كشفت ميتا في مكالمة أرباح أن خدمة Reels تحصل على 140 مليار مشاهدة يوميًا عبر إنستغرام وفيسبوك. ولم تستجب تيك توك لطلبات التعليق على عدد المشاهدات في اليوم). 

تقليد سناب شات 

في وادي السيليكون الحديث، لا تخجل شركات التكنولوجيا من تقليد بعضها البعض. عندما ابتكرت شركة سناب شات ميزة “Stories” في عام 2013، أعجب مارك زوكربيرغ بالفكرة واستنسخها لإنستغرام. 

ابتكرت العديد من الشركات من Twitter وLinkedIn إلى Signal وWhatsApp نسختها الخاصة من ميزة “Stories”، في حين سيطرت إنستغرام على سوق سناب شات، إلا أن أحدًا لم يستطع زعزعة الهيمنة الثقافية لتيك توك على مقاطع الفيديو القصيرة.

حاولت إنستغرام كذلك أن تفرض الخدمة الجديدة التي تدعى Reels على مستخدميها من خلال التنبيهات المتكررة، لكنها فشلت أيضًا في محاكاة منافستها الرئيسية، تيك توك.

يدافع فيرغسون عن خدمة Shorts القصيرة باعتبارها أكثر من مجرد استنساخ، “بصفتي موظف سابق في تيك توك، تمنح يوتيوب صانعي Shorts مجموعة أدوات متاحة فقط على منصة مثل يوتيوب”، مستشهدًا بتاريخ الموقع في مساعدة صانعي المحتوى على جني الأموال. 

جني أموال أكثر

يقول ميلاد ميرغ، صانع المحتوى على Vine السابق، البالغ من العمر 23 عامًا، الذي اشتهر على تيك توك لنشر مقاطع فيديو له وهو يصنع شطائر في مطعم Subway، إن يوتيوب هي المنصة الوحيدة التي تسمح له بالفعل بكسب عيشه من صناعة المحتوى.

يحصل ميرغ على “ألفي دولار شهريًا من صندوق YouTube Shorts Fund، وهي مكافأة تدفعها المنصة لصانعي المحتوى كل شهر من مجموع 100 مليون دولار”. لكنه يقول إن مقاطع الفيديو الأطول تحقق له قدرًا أكبر من المال، إذ يحقق له مقطع فيديو تقليدي واحد على يوتيوب مع مليون مشاهدة المبلغ نفسه من المال الذي يحصل عليه من مكافأة صندوق Shorts.

عادت كات بونو، البالغة من العمر 21، إلى يوتيوب في وقت سابق من هذا العام بعد توقف دام ثماني سنوات عن النشر. تقوم هذه المرة بنشر مقاطع فيديو Shorts، ووجدت الخدمة أسهل لإنشاء المحتوى من هاتفها. 

وتعتبر خدمة Shorts استثمارًا طويل الأجل، لذلك تقوم حاليًا بحشد جمهورها بهدف تحقيق الدخل من ذلك لاحقًا.

ومع ذلك، يريد صانعو المحتوى أن تحسن الشركة تجربة المستخدم. قال ميرغ إنه يريد واجهة مستخدم أفضل. وتريد بونو أدوات تحرير أفضل لأن الأدوات الحالية “سيئة”، إذ لا توجد العديد من الخيارات، لذا تقوم بالتعديل على برنامج Final Cut Pro قبل النشر على يوتيوب Shorts.

كشفت المتحدثة باسم يوتيوب، سوزان كادريتشا، أن الشركة تستمع إلى تعليقات المستخدمين، وقالت إن نهج تطوير منتجاتها “تكراري”. كما أضافت أن “تحسين أدوات إنشاء الأفلام القصيرة وتوسيعها سيظل محور تركيزنا الأساسي في عام 2023 وما بعده”.

صانع محتوى “متعدد المواهب”

تواصل يوتيوب الترويج لفكرة صانع محتوى “متعدد المواهب”. تقول الشركة إن القنوات التي تنشر مقاطع فيديو قصيرة ومقاطع فيديو تقليدية على يوتيوب تشهد وقت مشاهدة أطول بشكل عام، ونموًا في عدد المشتركين مقارنة بالقنوات التي تقوم بتحميل مقاطع فيديو طويلة فقط.

لطالما استخدم صانعو المحتوى مواهبهم في عدة أنواع من المحتوى. قبل الانتخابات النصفية للولايات المتحدة، تلقى تشو وفريق Righteous Eats رسالة بريد إلكتروني غير متوقعة.

وقام مكتب النائب ألكسندرا أوكاسيو-كورتيز، الذي يمثل إحدى مقاطعات نيويورك التي تضم أجزاء من برونكس وكوينز، بالتواصل معهم للتعاون في فيديو عن المأكولات في كوينز. 

أكل تشو وألكسندرا أوكاسيو-كورتيز التاماليس في مطعم Evelia’s في كورونا، كوينز. وتحدث تشو لأكثر من دقيقة على تيك توك وReels وShorts عن قصته كمهاجر وصعوبات الحصول على البطاقة الخضراء في أميركا.

وظهر في آخر الفيديو رابط للوصول إلى النسخة الأطول من الفيديو على يوتيوب، وهو مقطع مدته ست دقائق يتضمن مقابلات مع عضو الكونغرس، بالإضافة إلى مالك المطعم، إيفيليا كويزي. 

حصل الفيديو الطويل على نحو 200 ألف مشاهدة على تيك توك، بينما حصل فيديو Shorts على نحو 2100.


خطط فريق Righteous Eats لنشر الفيديو على شكل Short وفيديو طويل لكسب أكبر عدد من المشاهدات الممكنة. 

يستخدم ميرغ، الذي تجمع قناته 4.57 مليون مشترك، الاستراتيجية نفسها. قال إنه يستخدم Shorts بشكل أساسي، ثم ينشر فيديو أطول تقليدي على يوتيوب. على سبيل المثال، نشر في سبتمبر/ أيلول فيديو يحاول فيه صنع أغلى شطيرة في العالم على Shorts، ثم نشر فيديو أطول يحتوي على بعض التفاصيل الإضافية.

وحقق الفيديو المنشور على Shorts نحو 3.8 مليون مشاهدة، بينما حقق الإصدار الأطول 183 ألف مشاهدة فقط.

لا يستخدم الجميع النهج نفسه. ترى بونو أن الأفلام القصيرة ومقاطع الفيديو الطويلة يجب أن تكون أكثر تميزًا. وبدلًا من استخدام المنشورات الطويلة لإضافة مقاطع وتفاصيل على الفيديو القصير، تنشر محتوى جديدًا ليعرف الناس عليها أكثر.

على الرغم من ذلك، فإن تركيز يوتيوب على مقاطع الفيديو الطويلة يسلط الضوء على حقيقة أن مقاطع الفيديو التقليدية لا تزال مصدر دخل المنصة الرئيسي، وأن خدمة Shorts تحتاج إلى بعض التحديثات لتصل إلى المستوى المتطور نفسه بنظر صانعي المحتوى.

بيد أن صانعي محتوى الفيديو يستمرون في تطوير عملهم على يوتيوب، خصوصًا أن النجاح على تيك توك قد يكون عابرًا.

قال صاحب قناة طعام Righteous Eats، تشو في مقابلة، أن منشئي المحتوى سيشهدون تفاعلًا كبيرًا على تيك توك في بداية مسيرتهم، وسيحاولون تحقيق الأرقام نفسها كل مرة. لكن العمل على يوتيوب يحتاج إلى الكثير من المثابرة، فالنجاح على هذه المنصة يشبه فنون القتال”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *