الذكور تفوق الاناث خلال 2021.. تصاعد “مقلق” بحالات الانتحار: دوافع متعددة ومصير واحد

اخبار العراق

[ads1]

التقارير التي تتحدث عن نسب عمليات الانتحار وحيثياته واللجان التحقيقية المشكلة إن توفرت، هي شحيحة أو ضبابية في معظم الأحيان، ولعل عملية موت النساء حرقاً أو شنقاً أهم القضايا التي يشوبها الغموض، لا سيما في ظل مجتمع عشائري، يضغط على الجهات الصحية والأمنية لتسليم جثة المنتحر بأسرع وقت لدفنه، التي تبادر في أغلب الأحيان إلى تسليمها من دون تدقيق واسع في هذه الحالات.

الأرقام في العراق حول حالات الانتحار تظهر زيادة في أعداد الذكور المنتحرين بنسبة 57 بالمئة، وهو أمر يعيده الخبراء إلى الضغوط الاقتصادية والحياتية التي يحملها المجتمع العراقي المحافظ إلى أرباب البيوت من آباء وأخوة.

حسب الاحصائيات، فإن العراقيين ينتحرون بأشكال مختلفة، لكن النساء هن الأكثر إقداما على الانتحار عبر حرق الجسد أو الشنق، بينما النسبة الأعلى بين الذكور للانتحار في الأماكن العامة، فيما الانتحار عبر استخدام الأسلحة النارية هو الأكثر انتشارا بين جميع الفئات، وذلك لفوضى انتشار السلاح في مختلف مناطق والبيئات.

المتحدث باسم الوزارة خالد المحنا قال في حديث للوكالة الرسمية، إنه “نتيجة لزيادة نسب حالات الانتحار في عموم البلاد اتخذت وزارة الداخلية جملة من التدابير منها تشكيل لجان متخصصة لدراسة هذه الظاهرة والخروج بمعطيات تبين أسبابها ونسبتها مقارنة بدول الجوار”.

وأوضح المحنا أن “حالات الانتحار المسجلة في عام 2021 بلغ 772 حالة وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي التي بلغت فيه نسبة الانتحار 663 حالة”.

وأشار الى أن “حالات الانتحار بدأت منذ العام 2016 تتجه نحو الازدياد، ففي العام 2016 بلغت حالات الانتحار 393 حالة، وفي العام 2017 بلغت 462 حالة وفي العام 2018 بلغت حالات الانتحار 530 حالة ،أما في العام 2019 فقد بلغت 605 حالات”.

ولفت المحنا الى أنه “بالنسبة للمسجل من الفئات العمرية أقل من 20 سنة كانت نسبتهم 36.6 بالمئة ،ومن سن الـ 20 عاماً الى 30 عاماً كانت نسبتهم 32.2 في المئة، أما نسبة الذكور فتشكل 55.9 في المئة، أما الأناث 44.8 في المئة”، مبيناً أن “حالات الانتحار بين المتزوجين تشكل 40 في المئة وبين العزاب 55 في المئة”.

وتابع المتحدث باسم الداخلية، أن “نسبة المنتحرين من الذين تحصيلهم الدراسي ما تحت الابتدائية بلغت 62.2 في المئة ودون المتوسطة 16.9 في المئة والعاطلين عن العمل 35 في المئة ،وربات البيوت 29.9 في المئة”.

وأكد أن هناك “أسباباً عديدة منها نفسية تتعلق بالضغط النفسي وشكل عدد المنتحرين فيها نسبة 36.22 في المئة ،أما الاضطرابات النفسية فبلغت 34.64 في المئة وهناك أيضاً أسباب تتعلق بالتفكك الأسري والعنف الأسري والوضع الاقتصادي إذ يشكل الفقر من حالات الانتحار 13 في المئة، والبطالة 9.5 في المئة ،والأسباب الدراسية وعدم تحقيق الطموح الذي أخذ نسبة 13.38 في المئة ،والفشل الدراسي نسبته 5.5 في المئة”.

وأضاف المحنا أن “الدراسة خلصت إلى مجموعة من الحقائق وقدمت عدة توصيات قسم منها ما يتعلق بتدعيم الدوائر النفسية ودوائر الدعم النفسي في وزارة الصحة ،وقسم منها ما يتعلق بوزارة الشباب والرياضة واشغال وقتهم وممارسة هواياتهم، وقسم منها يتعلق بالجوانب القضائية والشرطة والمجتمع ووزارة التربية ووسائل الإعلام”، منوهاً بأن “هناك تعاوناً مع وزارة التعليم العالي من أجل إعداد بحوث علمية تتناول الشأن المجتمعي والنفسي”.

من جهة تحدث عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي، في بيان عن أبرز دوافع الانتحار، قائلا: “تنوعت بين الأسباب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية إضافة لعامل الفقر وتداعيات الحروب وتدهور واقع حقوق الإنسان”.

وطالب الحكومة بـ”اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتوفير فرص العمل وتأمين الخدمات والعيش الكريم والسكن الملائم لدرء خطر الانتحار”.

الى ذلك، يقول شاب عشريني رفض الكشف عن اسمه إنه حاول الانتحار قبل ثلاث سنوات بسبب “الوضع الاقتصادي”، لكنه يعترف الآن أن “وضعه الاقتصادي لم يكن سيئا جدا، ولكنه فقط لم يكن يحتمل”.

واضاف، انه “بدلا من العمل، فكرت بإنهاء حياتي وجربت فعلا أن أفعلها بقطع في يدي، لكن أخي الأكبر أنقذني”.

وبعد ثلاث سنوات من العلاج النفسي، قال الشاب العشريني، إن “الاكتئاب قد لا يكون ناجما بالضرورة عن الوضع الاقتصادي، وإنما قد يكون تراكمات ذهنية ونفسية وهرمونية عقدت حياته”، كما ينقل عن طبيبه النفسي”.

ولم يتحسن الوضع المادي للشاب العشريني رغم مرور ثلاث سنوات لكنه يقول “تعلمت أن أصنع إنجازات صغيرة أفرح بها وتحسن حالتي النفسية، ألعب الرياضة كثيرا وأنا مواظب على العلاج النفسي، ولا أفكر أبدا بالانتحار مجددا، كأنني شخص آخر”.

لكنه يعرف أن الموضوع ليس سهلا للجميع “هناك من لا تنفعهم هذه الأمور، أو أنهم حتى غير قادرين على طلب المساعدة، أقول لهم إن الوضع هو دائما أفضل مما نحس به، نحتاج فقط لطلب المساعدة”.

ولا يوجد في العراق خدمات لمساعدة المقبلين على الانتحار، أو خدمة عامة للدعم النفسي، كما إن الأعراف الاجتماعية ونقص الأطباء النفسيين تمثل مشكلة أخرى.

وبحسب الإحصاءات الرسمية العالمية يموت ما يقرب من 800 ألف شخص نتيجة الانتحار كل عام، ويقابل كل حالة موت أكثر من 20 محاولة انتحار، وهناك حالة وفاة واحدة تسجل كل ثانية على مستوى العالم بسبب الانتحار، ولعل جائحة كورونا وما رافقها من تداعيات على المستوى الاقتصادي والصحي وما خلفته من مشاكل على مستوى العائلة زاد من وتيرة تصاعد الحالات عام 2020.



[ad_2]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *