فرفش كده | تدوير الغلطة

منوعات

[ad_1]

كتبت: رشا عبادة

اللعبة بدأت باقتراح أن يذكر كل منا أغنية تمثل مشاعره لأبيه، على الفور
أجبت: «حبيبة بابا رشا». الإجابة لم تتطلب تفكيرًا، تذكرت حكايات أمى عن لحظة ميلادى، قالت إنها: كانت ساعة سودا، كادت تموت فيها وهى تزلطنى من رحمها لرحم العالم، لكن طينها زاد بله، حين اكتشفت أن المولود أنثى للمرة الرابعة!
اكتئاب ما بعد الولادة، كان من نصيب أبى، الذى فقد فرصته الأخيرة فى توافر كائن ذكر يرث لقب عائلته.

تؤكد أمى أنه تلكأ كثيرًا فى استخراج شهادة ميلادى..موظف الصحة الذى لاحظ توتره قال: «معلش، البنت بتجيب الواد»، ثم اقترح عليه أن يهون على نفسه ويسمى المولودة «عطا أورضا» كلها أسماء تليق بالنوعين، لكنه عاد للبيت يحمل شريط محمد ثروت ويغنى فرِحًا: «حبيبة بابا رشا، أمورة بابا رشا».

بعد وفاة أبى، راودتنى أمنية سينمائية تتلخص فى المشهد الذى تدخل فيه إحداهن ترتدى الأسود و»تجُرعيالها»وهى تعترف لأرملة البطل المتوفى إنها زوجته وأن هؤلاء أولاده» أحمد ومحمود وحماده»!

لم تكن أمنيتى غلًا لأمى – لا سمح الله – لكنها أيضًا فرصتى الأخيرة للحصول على أخ، يحمل ملامح أبى وشاربه وصوته وضحكته، يصحبنى ليلًا عائدين من حفل زفاف صديقتى، أتعلق بذراعه كحبيب أمام صديقات المدرسة، يعترض على طول فستانى الجديد فأتهمه بالذكورية، يقسم أن خروجى من البيت ممنوعًا لمدة أسبوع، فأخاصمه ليومين قبل أن يأتينى بالشيكولاتة التى أحبها معتذرًا بكبرياء:»أنا أخوكى يا بت وبخاف عليكِ متزعليش منى».

إقرأ أيضاً | فرفش كده | سرسبة السنين

فى قصة حبى الأولى تمنيته هناك على الجانب الآخر من الهاتف، يطلب حبيبى موعدًا للقائه، فيحدده له «بتناكة» ولى أمر العروس: «أهلًا وسهلًا إعطينى بس فرصة نسأل عليك وهبلغك بميعاد قريب، دى مش أختى وبس، أنت هتاخد حبيبتى وسُكرة البيت».
«جَت غلطة» المُبررالذى ظلت تؤكده أمى للجميع، ولكل عريس يوقعه دعاء أمه عليه فى صالون بيتنا، صدفة ترتيبى كآخرالعنقود جعلها نقطة ضعفى الكبيرة التى تعايرنى بها أخواتى كلما اختلفنا: «ياللى جيتى غلطة»!

مع الوقت اكتشفت أننا جميعًا جئنا لا نعلم من أين، ولكننا أتينا غلطة؛ مجرد لقاء روتينى عشوائى لا يحتمل انتفاخ بطن نتيجته، إلا ببركة الهرمونات ودعاء الوالدين، وبأن جموع العرسان – الغفيرة – الذين باركوا صالون بيتنا بطلب شرعى لإنتاج غلطة جديدة تساوينى فى نصف المقدار وتقرفنى فى نفس الاتجاه، ماهم سوى غلطات عادية لأناس عاديين، مصابين بمتلازمة إعادة تدوير الغلطة من خلال إنشاء خط إنتاج جديد لغلطات صغيرة متكررة!



[ad_2]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *