«رتوش على وجه الدين والوطن».. إطلالة جديدة لـ«مولانا العاشق» محمد هزاع

اخبار الفن

[ad_1]

«رتوش على وجه الدين والوطن» إطلالة جديدة للكاتب الصحفي والأديب محمد جاد هزاع، وتجليات جديدية فى تسابيح صوفية مملوءة بالروحانيات التى يتفاعل معها القارئ، فهزاع هو ذلك الروائى الذى يدافع عن فكرة واحدة ويعيش من أجلها، فمجموعة «رتوش على وجه الوطن والدين»، مجموعة قصص قصيرة تعكس تجليات ما بين التسبيح والسجود، وهي مجموعة نصوص أدبية شعرية ونثرية، وكلتا المجموعتين تدور حول بعض الظواهر الإيجابية أو السلبية في مجتمعاتنا العربية في الوقت الحالي.
والأديب محمد جاد هزاع «مولانا العاشق» له العديد من المؤلفات، منها (العشق على طريقتي، بين الدين المنزل والدين المبدل) و(دين الحب في زمن الحرب، يوميات شاهد وشهيد)، و(دولة الدراويش، حراس الوطن والدين) و(وجودك ذنب، قصة عقل) و(وجودك حب، قصة روح) و(نصوص من الوادي المقدس، قصة قلب) و(سر مصر، قضية رد شرف( التي تؤصل لمفاهيم دينية ووطنية وفكرية، يحاول من خلالها تصحيح الكثير من الأفكار الخاطئة، وتؤسس للون جديد من الكتابة أطلق عليه بعض النقاد (الإبداع التكاملي)، فعملية الخلق والإبداع عنده تعد إنعكاسا للإنسان ذاته الذي لايمكن الفصل بين مكوناته الخمسة (الجسد، النفس، القلب ،العقل والروح).
وحول الكتاب الجديد لمحمد جاد هزاع يقول الدكتور السيد إبراهيم أحمد، رئيس قسم الأدب العربي باتحاد الكتاب والمثقفين العرب بباريس، ينتقل الكاتب محمد جاد هزاع من كتاب لكتاب بشكلٍ جديدٍ وإهاب، ونمط من أفكار تولدت فيه عبر خروجه من سرداب كل عمل على سبيل التطور الفكري، أو من خلال مترادفات لمفردات تأخذ بالألباب أراد أن يرشرش بها عمله الجديد، ليقول للكافة: “أنا أتيتُ”، إنه الكاتب الذي ينطلق وليس انطلق لكونه يواصل المسير، ويحاول الوصول ـ من خلال مشروع متكونٌ في قلبه وعقله وأوردته وشرايينه، هائمٌ فيه، نائمٌ به، مستيقظٌ عليه، وليس هناك أخطر من «كاتب» يعيش من أجل فكرة واحدة.

اقرأ أيضا | محمد المخزنجي يكتب : غرفة عزل منزلي للوباء القادم

ينطلق الكاتب من مقولة جمعها فوعاها فأرساها في مقدمات كتبه عن وعي وليس عن ادعاء: “الجسد ـ النفس ـ القلب ـ العقل ـ الروح” وهي مكونات الإنسان كما رآها الحسني الإدريسي في “نحو القلب”، زادها الكاتب واحدة وهي “القلب”، تجدها منثورة في عناوين بعض مؤلفاته ظاهرة، مثل:وجودك ذنب “قصة عقل”، وجودك حب “قصة روح”، نصوص من الوادي المقدس “قصة قلب”، وتأتي مضمرات مكنونات في البعض الآخر من عناوين مؤلفاته، غير أنها ظاهرات بينات عبر مشروع الكاتب الفكري الواحد، لكونه صاحب رسالة تتقسمها المكونات الإنسانية، لكنها عنده هدف واحد وإن استخدم معها أدواء متعددة، ومثلما نجد مفردات: الدين والوطن، والحب والحرب وما يتصل بها من العشق والدراويش، والتقييد والإطلاق، والحضور والغياب، والشاهد والشهيد، والنصوص المقدسة.  
هذا الكتاب الذي بين أيدينا جميلٌ إن قرأناه “فردًا”، وما أجمله لو قرأناه “مجموعا” كفرع فريد يتدلى من شجرة هزاع المعرفية الفكرية المتوحدة المنطلق والرؤية والغاية، أي مع ما كتب وأبدع الكاتب من أعمال سابقة عليه، يأتي فريدًا في نقلته المختلفة من حيث تقسيماته التي تبدو في الوهلة الأولى للقارئ أنها مُنبتة الصلة عن بعضها أو تدور تائهات  في السديم الإبداعي، لكن بنظرة متفحصة سيجد الروابط الظاهرة والخفية ليست بعيدة عن الإطار العام الكلي لفكر الكاتب، أو عن الإطار الخاص الجزئي بالكتاب ذاته، استطاع أن يجمع فيها الكاتب كل خبراته المهنية والمعرفية والمحلية والدولية والواقعية والخيالية في بوتقة واحدة؛ فستجد فيها هزاع : الكاتب الصحفي، والمحلل السياسي للشئون الدولية، والمفكر المصري المتدين، ويكفي للدلالة أن الكاتب قد فارق مكانه العلي وليس برجه العاجي؛ فأديبنا ليس منعزلا عن واقعه بل هو فقط يتخذ عند كل عمل مكانًا جديدا للولوج في الواقع من رؤية وزاوية مختلفة، وفي مؤلفاته السابقة ـ أغلبها ـ يصوب سهامه الطويلة نحو أهداف بعيدة يخاطب فيها النخبة المثقفة لمشاركتها في تأسيس طرحه الفكري التاريخي، بينما في سرده القصصي من خلال هذا العمل يفارق مكانه ليسير في شوارع وأفكار وحوار الناس، فيختلط بهم وينقل عنهم وإليهم، ويغزو مناطق لم يتطرق لها في أدبه سلفا، ويذكر أسماء لم تخترق عالمه من قبل أبدا.. وليس أدل على ذلك من معاينة لبعض عناوين قصصه: 
(البانجو والأستروكس، حمو بيكا وأورتيجا، الأستيكة والدليت، العجول والعقول، السلخانة والمسمط ووجه أمي، الجزارون والسلخانة)..
وللدلالة على جماع خبرته وصبها في سردياته وتأكيد رؤيته المهنية والفكرية في العملين التاليين: “زنقة ايكولوجية وابستمولوجية وبيولوجية”، والثاني: “البانجو والأستروكس”، وهو من خلال العملين يحشد رتلا من الأسماء لبعض العلوم بمصطلحاتها في لغتها المتداولة بين الأكاديميين والأدباء والعلماء والنقاد دلالة على معرفته بهم، وسوقا في قصتيه لما يريد أن يقوله في ختامهما، واتصالهما بالواقع الأدبي التأسيسي في حياتنا الفكرية والثقافية والإبداعية طيلة نصف قرن أو أولئك الذين تزدحم بهم بعض الندوات الأدبية التي تجمع العديد من أهل كل فن قولي وإبداع، ليفرز سخطا غص به قلبه زمنا حتى استطاع أن يتخلص منه في النهاية على سبيل السخرية والسخط والتبرؤ، ليذكرنا بالأديب البريطاني “سومرست موم” في رائعته: “القمر وستة بنسات” واصفا ندوة أدبية بشكل ساخر انعكس تأثيرها عليَّ حتى قاطعتُ الندوات زمنا، وسأقاطعها من وصف كاتبنا تارة أخرى.
لكنه وهو يأخذنا إلى عالم الواقع زمنا يسيرا يقابله شيخه عند الباب وكأنه ينتظره مواسيا لعلمه بحاله، فيرده لعالمه من جديد .. عالم الكلمة: ( قل كلمتك ، وامض إلى حال سبيلك)، ويمضي الكاتب ليردنا ثانية إلى عالمه الإبداعي الذي يستقبل فيه التجليات التي يعايشها عن حرقة القلب، وتلذذ بالوجد، وألم الفقد، والإنفراد بالتفرد، والإعتزاز بالتميز، والرضا بالمفارقة عن المجموع والقرب من النور، بين “الكلمة” المقروءة والمكتوبة.. فهذا هو عالمه: (اقرأ أو اكتب، فالقراءة سرداب سري يخرجك من أي زنزانة أوقعتك ظروفك فيها، بحق أو بغير حق، والكتابة نوع من الخلق تكسبك قدرة على إعادة ترتيب العالم، داخليًا أو خارجيًا، فالأولي منفذ للنور، والثانية مصدرللضوء).. من قصة: “قرص الأسبرين والنون والقلم ومايسطرون”.
والتجليات لا تفارق الكاتب في سردياته التي لا يفارق فيها الشيخ مريده إلا لِماما، لنكتشف أن الشيخ سيقابله حتما، وسينتظره لزاما؛ فالشيخ “داخله” يسمعه، ويخاطبه، ويسأله: ما العمل؟ ما الحل؟ والشيخ يجيب، والمريد يطيع وينفذ، لينقلنا إلى سردية أطول، وهو يعلم ما معنى السرد حين قال: (سردية بلا تعريف .. ونصوص بلا تصنيف) في العنوان الفرعي لكتابه: “دينُ الحب في زمن الحرب”، وهو ما يمتد معنى عبر هذه السرديات القصصية بتصنيفه المعهود، لينقلنا عبر كل تجلية منها لعالمه المخصوص، برحابة صدر وسخاوة نفس، لنعيش معه هذا الفيض الجلالي والجمالي الذي عاينه في صحبة الكبار من أعلام التصوف.. 
“في الوقت الضائع” نعيش مع الكاتب محاولة الانعتاق الثوري الجذري ليرده الشيخ في سرد طويل إلى حالة التغيير الليبرالي الهادئ، كما نعيش حالة من التوفيق المؤقت في التصالح بين الطين والنفخة الإلهية في “بقدر ما في العالم من ماء”، لينقلنا إلى قصته ودرة تاج أقاصيص المجموعة “حال ما بين الاعتزال والمواجهة”، ولن أفصح أكثر.. عن تجلياتٍ ما بين السجود والتسبيح، وما فيها من زمن قصير.. وإخلاص كثير.. ودعاء بالدمع ثخين.. بما فتح الله به على عبده فألهمه ما يقول.. تاركًا له طرق باب الرجاء.. ولربه الإجابة والقبول.
هذا الكتاب الذي بين أيدينا تتردد فيه أنفاس وإبداع ونبض محمد جاد هزاع الساري في كتبه السابقة والمنعكس فيه صدى لصوت، وهو الكاتب الواحد الذي يأتينا عبر نصوص متفاوتة ومتعددة السرد المتفرد للحالة الخاصة بصاحبها حين يحاول إزالة الرتوش التي لا تليق بوجهيِّ الدين والوطن ليضع هو رتوشه الأخيرة لكي يسفر الوجه الصحيح للدين والوطن، وهذا ديدنه، في كتاباته، وتجلياته، ولو تركتُ القلم لصار مُريدًا في هذا الملكوت الروحاني المصوغ بعبارات الوجد والحب بلا تكلف أو تصنع أنْ سردًا أو شعرًا تنتظمه فكرة واحدة عاش ويعيش لها وفيها الكاتب بمنتهى الإخلاص، والتجرد، والحب الخالص. 



[ad_2]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *