صوت وصورة.. جريمة قتل تكشف عن مخاطر الذكاء الاصطناعي

اخبار الفن اخبار فنية

على الرغم من تكرار الأعمال الدرامية التي تنتمي إلى جرائم القتل في بدايتها ثم تتمحور الأحداث حولها، فهي الأكثر جذبًا للجمهور، وغالبًا ما تدور الشبهات يوميًا حول شخص معين مع ظهور أدلة جديدة تدينه، فيكون الرهان في هذه الحالة على أسلوب الكاتب والمخرج وكيفية تقديم الجريمة أو الفكرة بأسلوب جديد أو تقديم رسالة معينة، وفي مسلسل صوت وصورة الذي لفت الأنظار منذ بدايته نظرًا إلى أنه يشير إلى مناطق جديدة وقضية في غاية الأهمية والخطورة، وهي الذكاء الاصطناعي وكيف من الممكن أن يكون سلاحًا في يد أي شخص، فمع وجود الذكاء الاصطناعي أصبح لا يوجد مسمى واضح للحقيقة، فكل شيء أصبح عرضة للتزييف والتلفيق، ومن ثم أصبحت للحقيقة وجوه كثيرة، وخاصة في مشهد ذهاب صدقي صخر، الذي لعب دور محامي حنان مطاوع المتهمة بقتل طبيب التجميل مراد مكرم بعد قيامه بالتحرش بها، إلى مكان معزول ليستعين ببعض المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل حل بعض طلاسم القضية، حيث قام أحدهم بتوجيه سؤال مباشر للمحامي: ما هي الحقيقة التي تريدها وكيف تريد صنعها وتوجيها؟
يطرح المسلسل عدة أسئلة تدور جميعها حول الذكاء الاصطناعي، ويشمل المصطلح نفسه أشياء كثيرة بما فيها التطبيقات التي تؤدي مهام معقدة كانت تتطلب في الماضي تدخلات بشرية، مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت أو التعلم الآلي العميق، فهو مثل جميع أنواع التكنولوجيا الحديثة التي تعد هي المستقبل، ولكن أثبتت التجربة على مدار السنوات أن أي وسائل تكنولوجية حديثة بقدر ما تفيد البشرية بقدر ما تكون أكثر ضررًا في معظم الأحيان، والسؤال الذي طرحه ضابط المباحث المكلف بالتحقيق في الجريمة على نفسه قبل أي متهم: إلى أين سوف تأخذنا هذه الطفرة الجديدة؟ وهل نحن كمجتمعات وشعوب عربية مستعدون لمواكبة هذا التطور؟ وكيف تستطيع السيطرة عليه أو التحكم في ضمير من يقوم باستخدامه؟ والذي من الممكن أن يؤدي إلى توريط أبرياء في جرائم، بالإضافة إلى أنك باستخدامه أحيانًا تقوم بانتهاك حرمة غيرك مثلما حدث مع بعض المطربين عندما تم تركيب صوتهم على أغاني المهرجانات، الأمر الذي أثار استياء الكثير من الناس.
لم يكن المقصود من الرسائل السابقة التوعية بمخاطر الذكاء الاصطناعي فقط بل بجميع مساوئ مواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك هوس الترند وكيف من الممكن أن يصنع أبطالًا من لا شيء، أو الهبوط بهم إلى القاع، مثلما حدث مع حنان مطاوع وهي إنسانة بسيطة دمرت حياتها بالكامل بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، وترويج الشائعات لمجرد محاولة البحث عن حقها من الطبيب المتحرش، ثم فجأة أصبحت حديث الجميع واكتسبت تعاطف الجميع وحصلت على ثروة بنفس الأسلوب.
وعن الجانب الفني فأهم ما تميز به المسلسل هو الأداء المتميز لمعظم الفنانين وعلى رأسهم صدقي صخر، والذي كتب شهادة ميلاد جديدة له بهذه الشخصية، والذي اجتهد في تجسيد دور المحامي المخضرم البوهيمي بأسلوب بسيط تلقائي، ويليه الفنان رامي الطنباري الذي قام بدور ضابط المباحث، والذي تنعكس حياته العملية على تفاصيل حياته الشخصية، وكذلك ناردين فرج المحامية التي تستغل القانون وتستخدم جميع ألاعيبه المطلوبة في توظيف الأدلة لتبرئة من ترغب وإثبات الاتهام إذا تعارض الشخص مع مصالحها.
وأما عن النهاية فكانت إضافة جديدة للمسلسل لأن أهم شيء بالنسبة لأعمال التشويق والإثارة أن تكون غير متوقعة، وهو ما حدث بالفعل، فجاء القاتل شخصًا غير متوقع على الإطالق، ولم تُثَر تجاهه أي شبهات، بالإضافة إلى أن النهاية انتصرت للحق والعدل دون الحاجة إلى افتعال حقائق أو استخدام ذكاء اصطناعي، فمثلما قال ضابط المباحث في النهاية أن العدالة لا تحتاج إلى صوت وصورة بل تحتاج إلى ضمير يقظ.
وعلى الجانب الآخر عانى العمل من بعض السلبيات، أهمها وقوعه في فخ التطويل مثل أعمال كثيرة، خاصة التي تنتمي إلى التشويق والإثارة، والتي لا تحتاج أكثر من 15 حلقة، فتم إضافة بعض الأحداث التي كان من الممكن الاستغناء عنها، الأمر الذي جعل جميع الأبطال في النهاية يدورون في حلقة مفرغة بالإضافة إلى أنه صرف المشاهد عن القضية الأساسية، وهي الذكاء الاصطناعي، والتي كانت الركن الأساسي في البداية.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *